رواية غير قابل للحب بقلم منال سالم
المحتويات
محذوفة من قاموسه الشخصي من الأفضل أن أؤمن بذلك لئلا انسحق بين رحى قساوة مشاعره.
زارني النوم أخيرا فرحت في سبات متقطع إلى أن سطع النهار ورغم الصداع المستبد برأسي إلا أن توقي للحديث مع شقيقتي كان له الغلبة.
..................................................
آخر من أرغب في سماع مباركتها.
ناطحته الرد بالرد فأخبرته في نفور متبادل
أتى رده مغيظا ومعكرا لهدوئي
لا انتظرها منك يكفي أني حصلت على قطتي الشرسة لأشاكسها ليل نهار.
هتفت به في صبر نافد
هيا أعطني آن أريد التحدث معها.
لم أسلم من مماطلته إلى أن قرر في النهاية أن يضعها على الهاتف حينئذ سألتها في اهتمام صادق
جاء صوتها عاديا وهادئا وهي تجيب
نعم لا تقلقي ريانا أنا في أحسن حال.
سألتها بنبرة خفضتها نسبيا وأنا اختطف نظرات سريعة نحو فيجو الواقف قبالة الشرفة
أخبريني كيف وافقت على الزواج منه
جاوبتني في نفس الصوت الهادئ
شعرت في قرارة نفسي أنها تخفي شيئا عني فألححت عليها ويدي موضوعة أمام فمي لتغطيه
آن لا تخافي شيئا أنا إلى جوارك.
صدمتني بتعليقها
صدقيني أنا هانئة مع لوكاس.
سألتها مستنكرة
قبل أن أحصل على ما يشبع فضولي المستريب تدخل فيجو مقاطعا بلهجته الآمرة
يكفي ذلك.
نظرت له بغير رضا وقلت مودعة شقيقتي على مضض
سنتحدث مجددا إلى اللقاء حبيبتي.
أنهيت الاتصال وأعدت الهاتف إليه وأنا أحادث نفسي بصوت خاڤت لكنه كان مسموعا إليه
علق علي بوجه شبه واجم
توقفي عن الشك في الآخرين.
رددت عليه بتصميم
إن لم أكن أعرف شقيقتي لربما صدقت ذلك لكن حدسي لا يخيب.
ظلت عيناي عليه وأنا أسأله
ما الذي حدث في ميلانو
توقعت أن يراوغ في الرد لكنه أخبرني ببساطة
يمكنك أن تصفيه بانقلاب منقوص لم يكتمل.
اتسعت حدقتاي في ارتعاب فما يعتبره مجازا بأنه نوع من الانقلاب يعني تفشي الخېانة في الصفوف الداخلية لجماعته وإنهائه لن يتم إلا بحرب دموية رادعة ومخيفة على كافة الأصعدة. لم أتغلب على فزعي وأنا أردد سائلة إياه
كيف حدث ذلك ومن المتورط فيه وهل وصلتم للمسئولين عنه أم أن التمرد ما زال مستمرا
قال في يسر كأنه لا يتحدث عن خطب جلل
تمت السيطرة عليه وعادت الأمور لهدوئها من جديد.
تملكني المزيد من الارتياع ورحت أقول في توجس أشد
شقيقتي عالقة هناك بالطبع ستكون مھددة طوال الوقت.
أطلق زفرة بطيئة وتكلم في ثقة
أخبرتك أنها تقع تحت حمايتنا لن يمسها سوء.
لم أسمع ما يقوله وواصلت التعبير عن مخاۏفي بوجه مړعوپ
وأمي المسكينة خرجت من چحيم شيكاغو إلى نيران ميلانو.
سخر من فزعي قائلا
يبدو أن الحړب تلاحقها كمغناطيس.
رمقته بنظرة مستنكرة وقلت
لديك مزاج رائق للمزاح.
قبل أن يعلق علي ولج السيد مكسيم إلى الغرفة هاتفا في حماس غريب
أنتما هنا .. جيد.
الټفت ناظرة إليه لألقي عليه التحية بتهذيب
صباح الخير
عمي العزيز.
اقترب مني فانحنيت برأسي قليلا كنوع من إظهار الاحترام له ربت على كتفي وقال
أهلا بك كنتي الغالية...
ثم أشار إلى ابنه آمرا إياه
أغلق الباب وأجلس هنا إلى جوار
زوجتك.
حلت بي دهشة مؤقتة فليس من المعتاد أن يجتمع معنا في هذا التوقيت المبكر ربما كنا نلتقي في وقت الغذاء وفي أغلب الأحيان عند العشاء لكن في الصباح كان من النادر حدوث ذلك. بدأ القلق يتصاعد بداخلي وقد وجه حديثه لكلينا في لهجة جادة بعد أن جلسنا متجاورين
أنا أريدكما في شيء هام للغاية
الفصل السابع والعشرون
الألوان الداكنة كانت السمة المميزة لكل شيء أو شيء له صلة بهذه العائلة وكأن ألوان البهجة محظور عليها التواجد في مكان يعيشون فيه. غصت في الأريكة الجلدية ولم أجلس باستقامة كان الإرهاق مستبدا بي بعد ليلة من النوم القلق والمتقطع. وزعت نظراتي الحائرة بتساو بين الاثنين بعد أن جلس فيجو إلى جواري واستقر عمي مكسيم في الأريكة الجانبية الملاصقة لي. طلبه المريب بحاجته للحديث إلى كلينا أصابني بالمزيد من التوتر فأنا لم استوعب بعد ما حدث لشقيقتي من أجل الاستعداد لمغامرة جديدة بالطبع ستكون محفوفة بالمخاطر طالما أنها ذات ارتباط بهم.
في البداية تكلم مكسيم بقدر من الحيطة فاستطرد
أنتما تعلمان بحربنا المستمرة مع جماعة الروس.
هززت رأسي في تفهم فأنا أكثر من تعرض للإيذاء على يد أفرادها القساة طوفت ببصري على وجه فيجو وقد أضاف على حديث أبيه في جدية
بلغني من أعيننا المتربصة في الشوارع والأزقة أنهم عالقون مع الكوريين.
أحسست من البداية الغامضة للحديث أن الموضوع شائك به الكثير من التعقيدات ومع ذلك لم أسع للاستفهام عن شيء سأبقى على الحياد طالما أن الحديث لا يخصني. تحولت نظراتي تجاه مكسيم وهو يعقب عليه
نعم الكوريون غير متساهلين على الإطلاق كما أن جماعة المكسيك تحالفوا معهم ضدهم كذلك.
كنت أتخذ دور المستمع الصامت في حوارهما ليس لدي ما أعلق به عليهما فأنا بالكاد أعلم بالقشور ولم أحاول مطلقا منذ نعومة أظافري التحري بدقة عما يدور من صراعات محتدمة بداخل كل جماعة كم وددت لو بقيت بعيدا عن كل ذلك محتفظة بنقائي وبراءتي. عاد فيجو ليقول مشيرا بيده
وهم في مأزق بحربهم معنا أيضا.
خاطبه مكسيم مؤكدا
بالضبط الوضع معقد من كافة النواحي.
من زاويتي رأيت ابتسامة خفيفة تتجسد على فم فيجو وهو يكلم أبيه بعد أن فرد ذراعه على حافة الأريكة ليبدو كما لو كان يحاوطني من كتفي
لنرى كيف سيصمدون.
شعرت بالخجل قليلا من تصرفه رغم كونه لم يضمني فعليا لكن أن يقوم بذلك علنا أمام والده الصارم كان مربكا إلى حد ما فالأخير أبعد ما يكون عن الرومانسية شاغله الشاغل أن يحصل على الأحفاد ليس إلا! أفقت من سرحاني اللحظي في تصرفات فيجو غير المفهومة بالنسبة لي عندما قال مكسيم وقد انعكس على تعابيره لمحة من التردد
بهذا الشأن تواصل معي ألكسي بشكل شخصي.
عندئذ اختفت ملامح الاسترخاء من على وجه فيجو سحب ذراعه من ورائي وهتف سائلا في تحفز شبه متعصب
ماذا يريد
كانت مرتي الأولى التي أراه فيها على غير عادته الهادئة بل بدا هجوميا بشكل واضح وهو يكمل مشيرا بسبابته وبما صدمني للغاية وأشعرني أني محور الكون لا مجرد زوجة ملائمة فرضتها عليه الظروف
لم أنس له فعلته مع زوجتي ولن أمررها دون حساب!
كنت أناظره عن قرب شديد فرأيت كيف اشتدت عضلات وجهه ناهيك عن نظراته التي مالت للقتامة بدا وكأنه يتحول إلى آخر شرس وهو يتابع
أنت منعتني من عقابه واحترمت قرارك لأجل كشف باقي الخونة بداخل جماعتنا فلا تضغط علي أبي في النهاية ثأره معي.
خفق قلبي بشدة وجاهدت لأبدو غير متأثرة بتصريحه الذي احتوى على معان كثيرة لم أرغب في تفسيرها في الوقت الحالي. أتى رد مكسيم هادئا نوعا ما
أعلم ذلك ولك كل الحق في فعل ما تريد معه لن أمنعك لكن علينا أن نرجئ أي خلافات ونضعها جانبا من أجل الاتفاق على هدنة مؤقتة.
هنا نهض واقفا ليردد بلا اقتناع
هدنة مع هؤلاء!
اتفقت معه في رأيه المعارض لإقامة
أي هدنة واحتفظت بتأييدي لنفسي فلم أفصح عنه. مرة أخرى تعلق ناظري ب فيجو وهو يتجه صوب المكتب ليفتح علبة السېجار الكوبي التقط واحدة وقص طرفها ثم أشعله قبل أن يسحب منها نفسا عميقا ليلفظ بعدها الدخان وهو يواصل الكلام
ألكسي لن يلتزم بها سيتحين الفرصة للغدر بنا أنا أعرفه جيدا.
أكد له مكسيم بصوته الهادئ
لن يخاطر هذه المرة هو بحاجة لإيقاف الحړب معنا ولو لفترة بسيطة.
لم يعد فيجو إلى موضع جلوسه بل اتجه إلى نافذة الشرفة أولانا ظهره وتطلع إلى الحديقة المورقة بالخارج بقى صامتا لبضعة ثوان ثم قال مقتضبا وسحب الدخان تتطاير من فمه
لا أثق به.
وافقه والده الرأي فاستطرد موضحا أيضا
لا أحد يثق به لكنه سقط في الهوة ويبحث عن مخرج.
عاد فيجو لصمته المشحون فحاول مكسيم إقناعه بالقبول من خلال استرساله
وليبدي حسن نيته سيسلمنا سيلفيا...
الاسم لم يكن غريبا على مسامعي حاولت اعتصار ذهني عصرا لأتذكر أين سمعت به سابقا عدت للإصغاء إلى مكسيم وهو يخبره
ولنا كامل الحرية في التصرف معها لن يحميها بعد الآن.
يبدو أن الأمر اتخذ مسارا جادا للغاية خاصة ووالد زوجي يؤكد بتصميم
لن نعتبرها صفقة بقدر ما تكون بادرة جادة لإظهار صدقه.
هنا استدار فيجو ليتطلع إلينا فأكمل مكسيم مشيرا بيده
وأنت تريد الاڼتقام منها جراء ما فعلته مؤخرا.
خاطبه فيجو في صوت جاف وعيناه لا ترمشان
ألكسي لن يفرق معه إن تخلص منها الآن أم لاحقا لكنه سيورطنا مع أعوانها ويدها تصل للكثيرين وخصوصا أفراد مكتب التحقيقات الفيدرالي...
تفاجأت من معرفة زوجي لهذه التفاصيل متناهية الدقة لم يكن غافلا عما يدور على عكسي أنا التي تنحصر همومها في الاطمئنان على صوفيا وشقيقتي. من جديد تكلم فيجو في نبرة متوعدة
ألا تعلم مقدرتي للوصول إليها لكني لا أريد خوص معارك جديدة غير محسوبة جيدا وهناك أمور أكثر أهمية نحاول إنجازها.
علق عليه مكسيم بحذر
الوضع بالنسبة للجميع على المحك.
نفث فيجو سحابة من الدخان فاستطرد والده متابعا
لكن علينا الاختيار في أي جانب سنكون.
جاء رده أكثر جدية
الأمر ليس بهذه السهولة...
لحظة سكت فيها قبل أن يدنو مجددا منا عاد ليجلس بجواري وأكمل
ولا تنسى ما أطلعنا عليه أتباعنا في الشرطة هم يستعدون للقيام بحملة شرسة ومعادية على الأغلب.
رد عليه مكسيم بثقة
وضعنا قانوني لا يوجد ما يديننا.
هنا أخبره فيجو في لهجة جادة
إذا لسنا بحاجة للفت الأنظار تجاهنا في هذا التوقيت تحديدا.
تحايل عليه مكسيم بإصرار ملحوظ
لن يعلم أحد بتورطنا في التخلص منها.
بدا الأمر غامضا ومحيرا بالنسبة لي في نفس الآن وتضاعفت حيرتي مع تساؤل فيجو المهتم
كيف ذلك
عندئذ اتجهت أنظار مكسيم ناحيتي وخاطبني قائلا ببسمة ثعبانية ماكرة
لأنها مهمة كنتي الجميلة.
قلت معلقة في بلاهة وقد صدمني إشراكه لي في الحوار حيث قد تناسيت أني طرفا فيه منذ البداية
هل تقصدني أنا
حافظ مكسيم على نفس الابتسامة اللئيمة وهو يؤكد لي
نعم ومن غيرك حلوتي
تعالت دقات قلبي وانتابني الاضطراب وأنا أسأله في توجس
وما المطلوب مني
ظلت هذه البسمة السخيفة موجودة على محياه وهو يجيبني بقليل من المراوغة
الأمر بسيط للغاية وأنا أثق في قدراتك...
تطلعت إليه بغير فهم فأضاف بمزيد من الغموض الموتر
خاصة أن في المسألة اختبار لولائك للعائلة.
زويت ما بين حاجبي متسائلة بخيفة أكبر
كيف
شعرت بأن قلبي هوى بين قدمي وهناك من قام بدعسه لينسحق بلا هوادة عندما طلب مني في هدوء
ستقتلين سيلفيا!
...................................................
كانت المرة الأولى التي تمنيت فيها أن
متابعة القراءة