ضروب العشق لندى محمود توفيق
مكان شغل هااا ميغركيش وشي عشان لو شفتيه على حقيقته هتكرهيني بجد
انتصبت في وقفتها والتفتت وغادرت بتوتر وخوف هامسة لنفسها باستنكار وخنق
_ يعني هو لا منك ولا من أخوك الشيخ واحد مبيرفعش عينه في واحدة اكمنه بيتكسف والتاني ناقص يلبسنا كلنا خمارات ويقلب الشركة مركز تحفيظ قرآن
زين
مفهوم العشق بالنسبة له يتمثل في الأخلاص الخالي من الغدر والخداع وبالرغم من كل شيء فهو يرى المرأة جوهرة يجب أن تعامل كما تستحق فقسۏة الرجال لا تظهر على النساء بل على الأعداء .
زين الأبن الأكبر من بين اشقائه الثلاثة حيث بلغ بداية عقده الرابع 30 عام من شهور الذي يقضى أيامه يروتينية مملة على عكس أشقائه .. ما بين العمل والمواظبة على الصلاة في المسجد وقراءة القرآن الكريم يوميا وسط محاولات والدته أن يتزوج ولكنه يرفض بحجة أنه لا يريد فتاة من فتيات هذه الأيام ويريدها على خلق ودين واحترام حتى يسلم لها نفسه واسمه على طبق من ذهب ويكون واثق أنها ستحافظ عليها ! .
جذب انتباهه دخول شقيقه وهو يقول بجدية
_ إيه يازين اتأخرت كدا ليه النهردا أنا طلعت قبلك الصبح وقولت إنت هتاجي ورايا !
أجابه بصوت منهك وضعيف
_ أنا مكنتش هاجي أساسا يا كرم من امبارح بليل تعبان بس قولت هقعد في البيت أعمل إيه .. الحمدلله دلوقتي بقيت أحسن
اقترب وجلس على المقعد المقابل له وهو يهتف بضيق
_ ولسا بليل كمان هو يوم مش فايت أساسا !
_ يعني هي أول مرة ياكرم ماهو من حياة بابا الله يرحمه كنا متعودين إننا في عيد الفطر بنعزم العيلة كلها واللي أخرها المرة دي المشاكل اللي كانت حاصلة
_ الواحد النهردا ملوش خلق لأي حاجة مش أنه يقعد مع العيلة اصلا
لم يجيبه بل كان صامتا يحدق في اللاشيء بشرود فيغمغم كرم بحدة ممزوجة بالاشفاق
_ كفاية يازين الموضوع ده عدى عليه عشر سنين وإنت لسا زي ما إنت مش قادر تنساه
نظر له وقال بصرامة شديدة وإصرار
_ لأن ضميري مش مرتاح ومش هيرتاح غير لما أكفر عن ذنبي ..
أنا ليا عشر سنين بكفر عن ذنب بالصلاة والاستغفار وبطلب من ربنا العفو والمغفرة والذنب التاني مش عارف أكفر عنه بس قريب أوي إن شاء الله
تنهد الصعداء بيأس وقرر تغيير مجرى الحديث حيث قال بتذكر
تغيرت ملامحه عند ذكر شقيقهم الصغير وصاح منفعلا
_ متجبليش سيرته البيه طلع مقضيها شرب وسهر وقذارة من فترة واحنا منعرفش حاجة .. ولما حاولت اتكلم معاه واعقله مفيش فايدة منه بس اقسم بالله لو استمر في اللي بيعمله ده ما هيقعد في البيت يوم واحد تاني
ابتسم بعذوبة وتمتم برزانة وثقة
_ سبهولي أنا بعرف اتعامل معاه هدى نفسك ياوحش بس
لا بأس في مقولة نزار قباني عن العشق قلوبنا لا تختار من العشق إلا أصعبه ! . فيخوضنا لحروبا مع أنفسنا قد نخرج منها بهزيمة ساحقة .. ويبدأ بخيالات ترتفع بنا للنجوم ثم يتركنا في الأعلى فنسقط من النجوم للأرض في لمح البصر .
تلك الشابة الجميلة التي في نهاية عقدها الثاني .. يتهاتف الشباب عليها لجمالها المغري ! . تمتلك قامة قصيرو بعض الشيء وجسد متناسق عينان بندقيتين واسعتان يلمعان في ضوء النهار وبشرة بيضاء ناصعة مع ابتسامة ساحرية .. وفوق كل هذا الجمال يشهد الجميع لها بشفق الفتاة المهذبة والخلوقة التي نجحت عائلتها الصغيرة في تربيتها تربية صالحة وصحيحة .
ولكن أصابتها لعڼة العشق عشق صعب المنال بعض الشيء .. فتعاني في صراع بين دوافعها الداخلية التي تعشق ودافعها الخارجية التي تمنعها من كل شيء ليس مباح في مجتمعنا وديننا فبقيت تعاني من الشوق داخلها دون الإفصاح لأي شخص .. وترفض كل شيء بإمكانه أن يخل بسمعة عائلتها ويجعل أخيها مطرقا رأسه في خزي .
داخل مقر جامعة الهندسة .....
تجلس بجانب صديقتها فتقطع الصمت هاتفة
_ عملتي إيه مع عمر
إجابتها شفق بأسى بعد ذكره أمامها
_ لسا زي ما هو بيحاول يكلمني وأنا رافضة إمبارح كلمني وقولتله اللي المفروض يتقال وإنه لو فعلا عايزاني ياخد رقم أخويا ويتكلم معاه غير كدا مفيش حاجة بينا
تأججت نيران الغيرة في أعشاش صديقتها فهي لا تعرف سبب تمسك بهذه الساذجة وتخبرها بكل بساطة أنها تريد ارتباطهم الرسمي .. يجب عليها أنأولا حتى تحدث هذه التفاهات ! .
في المساء ......
داخل قسم الشرطة يحتسى كل منهم قهوته في صمت تام وبعد دقائق يقرر كرم
أن يخترق فقاعة الصمة قائلا بتريث
_ وصلت لحاجة يا سيف ولا لسا
قال بخيبة أمل
_ للأسف لسا إنت عارف إن من ساعة اللي حصل والواد ده مختفي
بس هيروح من البوليس
فين مسيرنا هنجيبه
رمقه بنظرة ڼارية وهتف بصوت مريب قليلا
_ سيف إنت قولت هتساعدني وأنا وافقت يبقى كل اللي عليك تساعدني اوصله والباقي عليا أنا ومتقلقش لماواشفي غليلي وإنت تطبق عليا القانون مش هزعل منك
تأفف الآخر پغضب هادر وهو يصيح به بنبرة مرتفعة
_ إنت دماغك دي فين عايز وتضيع نفسك عشان ده يبقى إيه الفرق بينك وبينه كدا بعدين أنا قولتلك هساعدك نوصله وياخد جزائه مش عشان اسلمه ليك بلاش جنان وأعقل ياكرم وفكر منطقية مراتك الله يرحمها خلاص مش هيبقى مۏت وخړاب ديار
ضړب بقبضة يده على سطح المكتب مغمغما بنبرة خاڤتة لا تدل على خير
_ بيك أو منغيرك ياسيف هوصله وهاخد حق مراتي بإيدي
أخذ يزفر النيران من فمه مغتاظا من هذا العنيد وقرر أن يغير مجرى الحديث حتى لا ينفعل عليه كالعادة ويهتف برزانة
_ طيب خلاص ياصاحبي اهدى وسيبك من الموضوع ده دلوقتي .. إيه الأخبار معاك
_ تمام الحمدلله .. صحيح عاملة إيه والدتك
أجابه مبتسما بمداعبة عند ذكر أمه
_ زي الفل أنا بشك إن إنت اللي ابنها مش أنا ياراجل دي بتدعيلك أكتر ما بتدعيلي نفسي أفهم إيه سر حبها فيك للدرجة دي !
بادله الابتسامة ولكنها كانت ابتسامة صافية شبه خجلة على عادته وهو يجيبه باحترام
_ والله ربنا يعلم ياسيف أمك دي معزتها في معزة أمي بظبط ربنا يخليها ليكم يارب
_ آمييين آه قبل ما انسى سيادتك معزوم عندنا بكرا
ومفيش أعذار لإن الست الوالدة مبتقبلش بأعذار لما يكون الموضوع يخصك ولعلمك بكرا في وليمة من اللي يحبها قلبك قعدت تسألني هو بيحب إيه في الأكل وأنا اتوصيت بيك الصراحة
قهقه بخفة وأجابه بالموافقة في هدوء
_ ماشي يا سيف هاجي إن شاء الله بس قولها ملوش لزوم تتعب نفسها أنا هاجي بس عشان مزعلهاش
ربما هو يجهل سبب حب الجميع له ولكن أفعاله واحترامه يجبر كل من يراه على احترامه وتقديره .
داخل منزل عائلة العمايري الذي يتكون من طابقين تحيط به حديقة كبيرة بعض الشيء كانت العائلة متجمعة في الحديقة يتبادلون الأحاديث والمرح والضحك ولكن كان التجمع العائلي ناقصا بعض الأفراد .
هتف طاهر بتساءل محدثا ابن أخيه الكبير
_ امال فين كرم يازين
صمت قليلا وهو يتذكر طلب أخيه منه أن يتحجج لهم بأي شيء فهو ليس في وضع يسمح له بمقابلة أحد وربما يقضي الليلة في منزله الذي كان يخطط للزواج فيه فتنهد بعمق وتمتم مبتسما دون أن ېكذب
_ كرم والله ياعمي الفترة دي مضايق شوية وقالي اعتذر منكم بالنيابة عنه إنه مش هيقدر ياجي
قطع حديثهم قدوم هذه الفتاة الشابة ابنة محمد العمايري الصغرى وهو تحمل الشاي على صينية كبيرة وتلف بها على أفراد العائلة كلها فيلتقط كل منهم كأسا ويبدأ في احتسائه حتى هتفت العمة الكبرى محدثة حسن بمشاكسة
_ مش ناوي بقى تعقل ياحسن وتفرحنا بيك
ابتسم لمشاكسة عمته وأجابها ضاحكا
_ هو مفيش غيري في العيلة ولا إيه ياجماعة أنا الحمدلله مرتاح في حياة العزوبية
لاحظ نظرات أخيه المشټعلة له فأشاح بوجهه وهو يتأفف بعد أن فهم سبب نظراته ولكن انسحاب فردا من جلستهم وهو يبدو على ملامحه الاستياء فأوقفتها أمها قائلة باستغراب
_ رايحة فين يايسر
أجابت بقرف وهي ټخطف نظرة ڼارية لحسن
_ رايحة الحمام ياماما
ثم اندفعت من أمامهم لداخل المنزل فلم تتمكن من البقاء في هذه الجلسة العائلية بعد أن تم ذكر الزواج أمامها مجددا وأعادوا لذاكرتها اللحظات من جديد عندما رفضها أمام الجميع ومنذ هذه اللحظة تسأل نفسها هل هي قبيحة لهذه الدرجة الذي تجعله يرفضها رفضا قاطعا أمام كل أفراد العائلة .
اتجهت للمطبخ والتقطت كأسا وسكبت الماء الباردة فيه ثم تناولتها دفعة واحدة لعلها تخفف من النيران المتأججة في قلبها وإذا بها بعد دقائق تجده ينضم لها ويأخذ أحد أكواب الماء أيضا ويتمتم ببرود ونبرة غير مبالية بعد أن فهم سبب انسحابها من جلستهم
_ أنا أكيد مكنش قصدي إني أرفضك قدام الكل زمان .. بس ...
وضعت الكوب على الرخامة بقوة مما أصدر صوتا هيأ له أنه انكسر وهتفت بحدة وحزم
_ عن أذنك ياحسن !
همت بالالتفات والرحيل ولكنه قبض على ذراعها يرغمها على الوقوف هاتفا باعتذار بدى لها غير صادق فقط يحاول أن يخلص ضميره من الذنب الذي ارتكبه في حقها
_ أنا آسف لو اللي عملته لسا مأثر فيكي لغاية دلوقتي ومخليكي متعصبة مني أنا قولتلك إني مكنش قصدي .. بابا الله يرحمه فاجأني مرة واحد احنا وقاعدين وأنا مكنتش بفكر في الجواز ولا زالت مبفكرش فيه
نظرت ليده القابضة على ذراعها فابتسمت بسخرية وأبعدتها عنها برفق ثم همست بصوت يشابه فحيح الأفعى
_ مأثر فيا
!!! يبقى يؤسفني إني أقولك إنك متعرفش أي حاجة عني يا ابن عمي .. أنا مش ببص ورايا ببص قدامي بس مبنساش اللي فات فعشان كدا
حاول تخلي تصرفاتك معايا بحدود