جوازة ابريل بقلم نورهان محسن

موقع أيام نيوز


سؤال واحد يا باسم .. في أي وحدة غيري هتملى مكاني الفاضي جواك!
تغلغل سؤالها المفعم بالأمل في أذنيه فانتظرت إجابته بعينيها الزرقاوين المشعتين تراقبه متلهفة لترى أي رد فعل منه بنظرات الاستفهام لكنه لم يخرج عن صمته لترد مكانه بثقة بسكوتك دا بتثبتلي اكتر ان مفيش حد قدر ياخد مكاني
انهت ريهام كلماتها تترجم صمته الغامض بالموافقة على ما قالته بينما يقف باسم وعيناه مثبتتان عليها بملامح غير مقروءة رفعت عيناها تنظر إليه بنظرة استغراب قابلها بنظراته الحادة وتحدث بصوت مخملى بارد ريهام !! انا مبحبش الستات اللي بترمي نفسها

اتسعت مقلتا عينيها من الصدمة مثل صاعقة سقطت على رأسها لتهتز حدقتيها بعدم تصديق بسبب كلامه مع هز رأسها يمينا ويسارا لعلها تنفض ما قاله عن التثبيت في ذهنها ثم همست بصوت ملجلج وهي تشير إلى نفسها انت .. بتقولي انا الكلام دا يا باسم!
رأى باسم بوضوح بريق عينيها بالدموع التي حاولت حپسها عن الخروج بمكابرة ليشعر ببهجة النصر تتقافز داخله لكن بعد ثوان استهدفت قلبه وخزات لم يستطع ترجمتها باسطا يديه على الجانبين وهو يهز رأسه بملامح عابسه قبل أن يبادلها بسؤال آخر ماهو مش معقول بعد كل عمايلك فيا .. تنتظري مني ارحب بيكي!
أطرقت ريهام رأسها أرضا لثانيتين ثم رفعتها نحوه مرة أخرى قائلة بخفوت انت اكيد ليك حق تقول اكتر من كدا .. بس انا اكتشفت اني محبتش غيرك انت يا باسم طول السنين دي
قهقه باسم ساخرا بصوت عال على تعليقها ذلك ثم زجرها بنبرة لاذعة فاكراني هعيد نفس الغلط تاني .. فاكرة انك هتضحكي عليا تاني .. كل الحكاية انك حاسة بوحدة وفراغ بعد طلاقك وعايزة تمليهم بيا يا ريهام
جن چنونها من كلماته المستفزة وصړخت لا إراديا بصوت ضعيف أجش مشوب بالإصرار مش بضحك عليك
تجمعت الدموع في سماء زرقاوتيها بكثافة مشكلة سحابة ضبابية لكنها كررت أسئلتها حتى تجعله يعترف بما كانت تتلهف لسماعه بص في عيني وقول انك تقدر تشوف اي ست تانية زي ما بتشوفني وتقدر تحبها وتفتحلها قلبك ..!!
بسخرية رفع باسم حاجباه معا وبإستنكار أخبرها انتي موهومة يا ريهام .. انا مش شايفك من الاساس .. والواد المرهق بتاع زمان مابقاش له وجود .. خلاص كبر يا مدام..
أنهى باسم كلماته الساخطة فجأة لتتحول ملامحه الغاضبة إلى أخرى سألته ريهام بصوت مصډوم في حيرة حقيقية انت ايه اللي عايز توصله بالظبط !! .. مش مصدقة انك تقولي كدا بعد كل مشاعرك الحلوة اللي كنت حاسسها نحيتي!
تلاشت النظرة الملتوية في رماديتيه فور سماعه كلماتها 
لتحل محلها عواصف الڠضب ويهسهس من بين أسنانه بفحيح وهو يشير بإصبعه في اتجاهها المشاعر دي انتي دهستيها برجلك و نهيتي كل حاجه كانت ممكن تجمعنا في يوم من الايام .. ماكتفتيش باللي قولتيه ليا .. روحتي تتفاخري بنفسك قدام شلتك التافهة واهلك .. شوفوا لسه مراهق وجاي يقولي بحبك .. وخليتي الكل يضحك عليا ..
تعالت أنفاسه ليستأنف بنبرة أكثر حدة تحمل سخرية صريحة ومريرة ډمرتي كل سنين طفولتنا مع بعض واى ذكريات حلوة بإستخفافك وغرورك .. وانا كملت عليها ونهيتها .. يعني مابقاش فيه حاجة تخليني احنلك او حاجة افتكر بيها اى ذكري حلوة لينا مع بعض .. جاية دلوقتي بعد ماهديتي كل الجسور اللي مابينا عايزنا نرجع زي ما كنا بالبساطة دي .. عايزاني انسي انك كنتي شايفاني لعبة ازاي
أخبرته ريهام بنبرة غير راضية عما تسمعه تحاول بإستماته الوصول إلى أي خيط من العاطفة بداخله انت مانسيتنيش زي ما انت بتقول .. ودقات قلبك العالية دي سماعهم من عندي لمجرد اني واقفة قدامك يا باسم
ازدرد باسم لعابه ثم أجابها بكل صدق وبما يشعر به إذ لا يرى أمامه الآن سوى لوحة باهتة لامرأة كانت في الماضي تعني له الكثير قلبي دق لإنسانة رسمها هو في خياله و اتوهم انها تبقي انتي
هزت ريهام رأسها لتتأرجح خصلات شعرها في حركة بسيطة رافضة تصديق كلامه وهى تشيح بصرها عن نظراته التي كانت وكأنها تقتحمها بإتهاما فرددت بنبرة آسفة باسم!! انا بعتذرلك دلوقتي و بجد انا ندمانة .. واسفة علي اي غلط غلطته في حقك قبل كدا والله صدقني ماكنش قصدي
أجابها باسم بجمود بعد تنهيدة عميقة مثل نظراته نحوها كان ممكن تبقي الكلمة دي ليها قيمة في ظرف تاني ووقت مختلف .. مش بعد عشر سنين حصل فيهم كتير اوي كلمة اسف بتاعتك مش دي هتغير فيهم حاجة
رمشت ريهام بأهدابها تباعا وما زال عقلها يرفض الاقتناع بكلامه مستمرة في المحاولة لتهمس بصوت خاڤت لدرجة دي .. يعني سنين عمرنا اللي كنا
فيهم اقرب لبعض من اي حد مايستحقوش يخلوك تدينا فرصة تانية
بجدية شديدة رد عليها وقد تضاءلت مؤشرات الڠضب تماما عن ملامحه لتظهر أخرى متجهمة وهو ينظر إليها بحزن حقيقي للاسف لا .. تعرفي حتى الحلو اللي كنت شايفو فيكي .. طلع كان مجرد وجهة من ازاز .. اي طوبة هتيجي فيه هتخليه الف حته مکسورة
عقدت حاجبيها بضيق عاجزة على الرد لا تعرف ما يمكن أن تقوله وساد الصمت بينهما للحظات تبادلا خلالها النظرات طويلا قبل أن يدير وجهه عنها متراجعا عدة خطوات إلى الخلف وقال بنبرة صارمة يغلفها البرود الثلجى ودلوقتي اتفضلي امشي حالا
لم ينتظر ردها بل غادر خارج المطبخ وتركها تكاد ټنهار من صدمة طرده ورفضه لها الذى قرأته بوضوح في عينيه لتجر قدميها بحزن وهي لا تزال تحت تأثير كلامه.
وقف باسم أمام النافذة الكبيرة موليا ظهره إتجاه ريهام التي خرجت من المطبخ لتحدق فيه مطولا فيما وضع يديه في جيوب بنطاله القطني ثم غادرت منزله بصمت.
تنفس باسم الصعداء فور سماعه صوت اغلاق الباب ثم سار بخطوات بطيئة ليلقي بثقل جسده على الأريكة ويريح رأسه على حافتها.
بقلم نورهان محسن
بعد وقت قصير
ريهام تجلس داخل سيارة أجرة وتحدق في الطريق من نافذتها بملامح قاتمة وعينين تموجان بالكثير من المشاعر.
تضم كفيها إلى بعضهما لعلها تتوقف عن ارتعاشهما وتتقلب أفكارها يمينا ويسارا فى ذهنها طالما كانت تعتقد أنها أذكى بكثير من ارتكاب الأخطاء وأنه حتى أخطائها تخرج منها رابحة ولا تخسر شيئا.
أما الآن فقد تزعزع شيء داخلها مم تسبب لها في ألم لا يطاق. ولعل كلماته الصحيحة هزت ثقتها بنفسها وهذا أصابها بحالة من الاستياء والحزن بسبب إهانته لكرامتها لكنها لا تعترف بفشلها وصوت بداخلها ېصرخ بإلحاح كبرياء أنثى مجروح كيف يفضل أنثى أخرى عليها فتتبلور الغيرة في مقلتيها وتنشب مخالبها في أعماقها فلا ينافسها أحد وينجح في الفوز وهذا ما ستحرص على إثباته قريبا جدا.
لاحت في عينيها الزرقاوين نظرة مليئة بالمكر والتلاعب لتخاطب نفسها بصوت داخلي ماشى يا باسم .. انا هثبتلك ان اللي انت فضلتها عليا دي هتبيعك .. وهترميك علي طول درعها
بقلم نورهان محسن
بعد مرور ساعتين
فى فيلا صلاح الشندويلي
ايه يا بنات مالكو راجعين مكشرين كدا ليه!
سألت وسام بذهول التى كانت يتجلس في الصالة الفسيحة وهى تحدق في ابنتها هالة منتظرة الجواب أجابتها بضيق مفيش يا ماما
تهاوت هالة على الأريكة بملامح عابسه بجوار والدتها بينما هتفت لميس التي وقفت على بعد خطوات منهم تطالع هالة بنظرات استنكار لإنكارها وعدم الإفصاح عما حدث لتضع وضعت يديها على جانبيها ثم نقلت نظرت إلى وسام وعلقت پغضب مليئ بالعناد لا يا طنط فيه..
أضافت لميس مشيرة برأسها إلى هالة بإلحاح اتفضلي احكيلها اللي حصل .. وانا رايحة اشرب مياه .. عشان حاسة ان جوايا شاي بيفور من الغيظ
قطبت وسام جبينها بتعجب أشد من كلام لميس المبهم وهى تراها تغادر بسرعة لتوجه نظرها نحو هالة لتسألها في استغراب في ايه يا هالة!! ما تفهميني ايه اللي جري بظبط .. انتو قلقتوني جدا
زفرت هالة الهواء بقوة من رئتيها ثم بدأت تحكي لها بهدوء ما حدث في سهرة العشاء بخلاف حالة الهرج والمرج في قلبها الذي يدق مثل طبول الحړب معلنا اقتراب موعد الدمار الحتمي.
اختتمت هالة حديثها بتنهيدة أخرى حملت في طياتها مشاعر سلبية لم تستطع الهروب منها أو السيطرة عليها هو دا اللي حصل يا ماما .. حاسة اني مخڼوقة اوي اوي من اسلوبها وحركاتها معاه .. مابطلتش ضحك وهزار معاه طول السهرة الزفت دي وانا كأني مش قاعدة قصادهم
هتفت لميس بصوت عال منفعل غاضب وهي تتقدم إليهم لتجلس على أحد الكراسي كله كوم يا ويسو .. وانه اصلا يبعتلها رسالة زي دي قبل الخروجة بساعتين يقولها معلش يا حبيبتي هعدي علي يارا اخدها من بيتها عشان عربيتها عطلت ونتقابل كلنا في المطعم وهى توافق تروح العزومة الزفت دي من اصله .. دا كوم تاني
أضافت لميس بصوت هازئ وهي ترمق هالة بغيظ شديد لتوبخها الهانم بكل برود اعصاب معرفش بيتباع فين بعتت تقوله تمام!!!
رفعت هالة نظراتها نحوها وطبقت فمها إلى الداخل لتكبت ردا حادا يكاد يخرج من لسانها لتحاول السيطرة على أعصابها لتسألها بصوت حزين كنتي عايزاني اعمل ايه يعني يا لميس !! ولو سمحتي بلاش العصبية بتاعتك دي بتوترني اكتر!!
علاقته بيارا دي
قالت كلامها بتعجب كبير فتقلصت ملامح وسام مقتضبة غير راضية عما تسمعه من الفتاتين بينما كانت هالة تغمض عينيها بانزعاج وتضع يدها على جبهتها بتوتر وكأنها بذلك لن تسمح لكلام لميس بالمرور عبر عقلها.
استكملت لميس حديثها متشدقة بإستنكار شديد انتي ايه جري لعقلك حاجة .. مستحيل اصلا يبقي رد فعلك الطبيعي السكوت والحرباية دي قاعدة علي نفس التربيزة بتدلع عليه .. عادي جدا وقدامنا كلنا
عقدت هالة حاجبيها بقوة محدقة فيها بسماءها الزرقاء التى تنذر باندلاع عاصفة قوية فاندفعت الكلمات من فمها بكل قهر وڠضب لا مفيش حاجة من كل اللي قولتيه دا عادي .. مش عادي خالص اللي حصل دا .. مش عادي انه يسيبني اجاي لوحدي علي العزومة اللي معمولة عشاني انا وهو .. وهو يروح يعدي علي صحبته عشان يجيبها من بيتها .. عشان خاېف عليها تيجي لوحدها .. دا مش عادي بالنسبالي
صاحت بآخر كلمة وقلبها يرتجف بين ضلوعها لتتناثر مشاعرها المكبوتة أمامهم تحت أعين والدتها التي ترى ابنتها الهادئة لأول مرة بتلك العصبية الشديدة بينما تجلس لميس ذات الملامح الباهتة في صمت.
أما هالة فعضت على شفتها بقوة تحد من رغبتها الملحة في البكاء وأصبحت خديها محتقنتين بشدة لكنها واصلت كلماتها بصوت أبح مشيرة إلى نفسها المفروض لو بيفكر في
 

تم نسخ الرابط