وبقى منها حطام أنثى لمنال سالم

موقع أيام نيوز

عمرو يديه على رأسه وضغط عليها بقوة وهو يحدث نفسه بعصبية 
طب هاوصله ازاي 
بدت عليه الحيرة واضحة فحاول الموظف مساعدته فبادر قائلا 
شوف يا أستاذ عمرو الأستاذ شعبان ممكن يدلك على عنوانه !
انتبه عمرو إلى ما قاله الأخير خاصة أن كلماته أضاءت بارقة الأمل لديه 
قطب هو جبينه مهتما وسأله بتلهف 
مين اﻷستاذ شعبان ده 
رد عليه الموظف بتفاخر 
ده أقدم مننا كلنا ويعرف دبة النملة هنا فاحتمال كبير يكون عارف عنه
أي حاجة تفيدك
تلاحقت أنفاس عمرو نوعا ما بعد تلك الأخبار المبشرة فربما يكون هذا الشخص هو طرف الخيط الذي سيوصله بمحسن 
سأله بنزق وهو يميل بجسده للأمام ليستند بكفيه على السطح الخشبي للمكتب 
طب هو فين 
أجابه الموظف بهدوء 
في أجازة وهيرجع على أول الاسبوع
سأله عمرو دون تردد وقد ضاقت نظراته 
طب مالوش موبايل ولا رقم أوصله
هز الموظف رأسه نافيا وهو يجيبه 
مش هايرد عليك بعيد عنك دماغه قفل من ناحية التكنولوجيا
نفخ عمرو بضيق فهو يعلم تلك النوعية من الأشخاص أو ما يطلق عليهم أعداء التكنولوجيا الذين ينبذون كل ما له علاقة بوسائل الإتصال الحديثة 
ظل الموظف يتطلع إليه بنظرات مترقبة منتظرا ردة فعله القادمة فتنهد عمرو بإرهاق وهو يقول على مضض 
ماشي بس الله يكرمك أول ما يجي بلغني !!
بأمر الله
انصرف بعدها عمرو وهو يتمتم بكلمات مبهمة يلعن فيها عدم تريثه وربما سوء اختياره لذلك الشخص الغير مؤتمن على شقيقته 
لم تكف تحية عن الاتصال بإبنها لتعرف أخر المستجدات منه عن ابنتها الصغيرة إيثار 
ما آلمها أنها
لم تقف إلى جوارها في أشد أوقاتها احتياجا لها 
تورمت عيناها من كثرة البكاء حسرة عليها ولم يتوقف لسانها عن التضرع للمولى لطمأنتها عليها خاصة وأن صوت صړاخها الأخير وما تبعه من تهديدات عڼيفة جعلها غير قادرة على الوقوف على قدميها فإنهارت تولول وتلطم بهلع جلي 
بينما لم يتوقف رحيم عن محاولة التصرف بطريقته من أجل الوصول إلى محسن لكنه كان عاجزا في هذا البلد الغريب عن اتخاذ اللازم فغالبية معارفه مقيمون بالقاهرة ولم يرد أن يدخل أخيه مدحت في تلك المسألة حتى لا يثير الضجة أكثر لذا كان اعتماده الكلي على ولده عمرو 
استعادت إيثار 
ضغطت أمل على شفتيها بقوة وأجابتها من بينهما بحزن 
انتي انتي وقعتي وآآ والحمل بتاعك راح !
اتسعت عيناها بذهول وهمست بصوت متقطع 
آآ ح حمل
ابتلعت أمل
ريقها وحاولت المحافظة على ابتسامتها المطمئنة وهي تتابع بحذر 
إنتي كنتي حامل بس ربنا مأردش إنه آآ يكمل
هزت رأسها مستنكرة وبدأت العبرات تتجمع في مقلتيها وصړخت بصوت ضعيف عاجز 
لأ لأ 
اقتحم عقلها ومضات قاسېة مما تعرضت له على يد محسن حتى لم تعد تشعر بشيء 
تحركت يدها عفويا على بطنها لتتحسسه فنظرت لها أمل بحزن واضح ومدت يدها لتضم كفها في راحتها وضغطت عليه بأصابعها وهي تقول بصوت شبه مخټنق 
شششش هاتتعوض يا حبيبتي اهدي بس !
نهج صدر إيثار
علوا وتلاحقت أنفاسها وهي تصرخ في عدم تصديق 
لألألأ !!
وجدت صعوبة في التنفس بصورة طبيعية وهي تتذكر محسن 
آلمها بشدة أنها لم تستطع أن تنعم ولو للحظات بإحساس كونها ستصير أما ففقدت ذلك الشعور على يده 
قاومت أمل انهمار عبراتها أسفا عليها وصاحت بتوجس من حالتها النفسية السيئة 
اهدي يا ايثار إنتي ربنا بيحبك والله ورحمك من حاجات آآ 
لم تكمل عبارتها الأخيرة حيث قاطعها صوت محسن المستفز 
حمدلله على السلامة يا حلوة
اشتعلت عيناي إيثار ڠضبا عند رؤيتها إياه وتحول وجهها لكتلة دموية حمراء رغم شحوبه 
فمجرد وجود 
دنا منها أكثر وهو يقول ببرود 
حقك تزعلي مني بس أنا هاعوضك ده إنتي الحتة اللي في الشمال
توقفت لثانية لتلتقط أنفاسها قبل أن تتابع بشراسة رغم بحة صوتها 
انت انت مش بني آدم انت حيوان حيوان !
قطب جبينه بإندهاش من وقاحتها الصاډمة وعاتبها ببرود 
الله ! الله الله ! ليه الغلط بس يا حبيبتي !
رأت أمل احتدام الأجواء الغاضبة بينهما فاتجهت نحو محسن ووضعت يدها على ذراعه ودفعته للخلف وهي تقول بتوجس 
امشي دلوقتي يا محسن
نظر لها بطرف عينه وهو يقول بغيظ 
انتي مش شايفة لسانها الطويل وأنا بس ساكت عشان حالتها
رمقته أمل بنظرات ڼارية قبل أن تصرخ فيه بحنق 
انت معندكش ډم ولا احساس واحدة ضيعت حملها بغباءك عاوزها أول ما تشوفك تاخد بالأحضان
أطرق رأسه حرجا من كلماتها وأخفض صوته ليقول بإمتعاض 
مش كده بس آآ 
قاطعته أمل قائلة بإصرار 
من غير بسبسة اتوكل على الله وبعد كده نتكلم
ثم دفعته من ظهره للأمام ليخرج من الغرفة 
رتب مدحت حفلا كبيرا ليعقد فيه قران ابنته سارة على الشاب الثري رامز 
كانت مفاجأة لعائلة رحيم زواج سارة السريع ولم يكن أمامهم سوى مباركة تلك الزيجة الغريبة التي لم يهتموا بمعرفة تفاصيلها كثيرا فهم مشغولون بما ألم بإيثار 
اتفق الطرفان على إنهاء كل شيء في أقرب وقت فلم يكن هناك داع للإنتظار فلا يوجد منزل للزوجية للتريث من أجل انهائه ولا أثاث يلهثون وراء شراءه بالإضافة
إلى حاجة رامز للسفر للخارج بصحبة عروسه في أقرب وقت متاح 
انبهرت سارة بالشبكة التي ابتاعها لها فقد كانت باهظة الثمن ټخطف الألباب والأنظار وبالطبع كانت فرصتها الثمينة للتباهي أمام أقاربها ورفيقاتها 
ودت لو كانت غريمتها إيثار متواجدة لتريها الفارق بينهما وتتفاخر بحظها الجيد الذي أوقعها مع ذلك العريس اللقطة والذي سيلبي لها كل أحلامها 
وما إن انتهت مراسم الزواج والحفل البهيج حتى اصطحب رامز عروسه في سيارة فاخرة ليقضوا ليلتهما المميزة في فندق شهير وبعدها يستعد كلاهما للذهاب إلى المطار لتبدء بعدها سارة في رحلة شهر عسلها الغامض 
مرت عدة أيام والأوضاع لم تتغير كثيرا لدى إيثار فحالتها النفسية في الحضيض ومع هذا اضطرت أن تعود بعد امتثالها للشفاء إلى المنزل الريفي ولكنها كانت أكثر شحوبا أكثر ذبولا وأكثر فقدا للحياة 
لم تتركها أمل للحظة وظلت باقية إلى جوارها لتهون عليها ما مرت به 
مسحت على ظهرها وهي تقول بهدوء 
ارتاحي يا إيثار وشوية وهاجيبلك تاكلي
أومأت برأسها موافقة
خصبة !
صړخت إيثار فيه
بإهتياج جلي 
أنا بأكرهك بأكرهك
رد عليها بنبرة باردة 
محدش قالك حبيني
انفعلت بعصبية وهي تشير بيدها 
اطلع برا مش عاوزة أشوفك
لم يتحمل محسن إھانتها ورمقها بنظرات مخيفة ثم جز على أسنانه قائلا بټهديد 
طولة لسان مش عاوز أنا ايدي بتاكلني وشكلك مش بيجي غير بالضړب
تدخلت أمل على الفور لإبعاده عنه وكافحت لتحرر إيثار من قبضتيه وهي تقول بهلع 
يا محسن ماينفعش اللي بتعمله ده
جذب هو إيثار من خصلاتها أكثر فصړخت متأوهة من الآلم وتوعدها بنبرة أعنف 
مش هاسيبها إلا لما أربيها
توسلته أمل بإستجداء كبير 
هاتموت في ايدك دي لسه قايمة من عيا
وبالفعل نجحت في إبعاده عنها وجاهدت لدفعه للخارج فإغتاظ مما تفعله زوجته الأولى وصاح بغل 
هي هتسوق فيها بينها نسيت نفسها
ضغطت أمل على شفتيها لتقول بضيق 
اصبر عليها شوية
خرج الاثنين من الغرفة فأوصدت الباب خلفهما فهتف محسن بحنق 
دي مراتي
رمقته أمل بنظرات مشټعلة وهتفت محتجة وقد تحول وجهها للوجوم 
وأنا مراتك زيها ولا نسيت
تنحنح بخشونة وهو يجيبها 
لا منستش !
ثم فرك ذقنه بكفه وتابع 
بس هي معوجة عليا وأنا جبت أخري معاها
استندت إيثار بظهرها لباب الغرفة بعد أن أوصدته من الداخل وبكت بحړقة حسرة على مصيرها البشع مع ذلك البغيض 
ثم كفكفت عبراتها وحدقت أمامها في الفراغ ورددت بإصرار عجيب 
أنا مش لازم أستنى هنا أكتر من كده لازم أهرب أيوه أنا هاهرب !!!
يتبع الجزء الثاني بعد قليل
وبقي منها حطام أنثى
الفصل الثامن عشر الجزء الثاني 
عاد الأستاذ شعبان إلى عمله فتفاجيء بذلك الشاب الذي يقف فوق رأسه ليسأله بإلحاح مريب عن محسن 
رمقه شعبان بنظرات متفحصة ومتربصة قبل أن ينطق بصوت متحشرج 
وانت بتسألني عنه ليه 
كز عمرو على أسنانه ليقول بنفاذ صبر 
أنا أخو مراته ومش عارف أوصله
حرك شعبان أنفه للجانبين وأردف قائلا ببرود 
ممم باين في مشاكل عائلية بينكم وانت عاوز تدخلني بينكم الخلافات دي يا أستاذ مكانها البيوت مش هنا !
صاح به عمرو بنفاذ صبر 
يا سيدي مافيش لا خلافات ولا غيره !
نهره شعبان بغلظة
وهو يشير بإصبعه 
متزعقش يا أستاذ
سيطر عمرو على أعصابه بصعوبة حتى لا ينفعل مجددا ورسم ابتسامة سخيفة على ثغره وهو يقول بإمتعاض 
حقك عليا !
ثم أخفض نبرة صوته ليقول بحزن حقيقي 
بس أمي تعبانة ونفسها تشوف أختي ومحسن مسافر بقاله كتير وموبايله ضاع ومش عارف أوصله !
هز شعبان رأسه بتفهم وهو يردد 
ألف سلامة على الحاجة
سأله عمرو بتلهف 
الله يسلمك ها عارف هو فين 
صمت شعبان لبرهة ليفكر فيما سيفعله بينما نظر له عمرو بترقب فأي معلومة سيبوح بها ذلك الكهل ستفيد في الوصول إلى شقيقته وعليه أن يكون أكثر حرصا وتحكما في انفعالاته ليصل إلى مبتغاه 
حك شعبان صدغه بأظافره المتسخة ومسح على طرف شاربه ثم استطرد حديثه قائلا بجدية 
شوف يا سيدي اللي أنا فاكره إنه كان ليه بيت كده في حتة في الأرياف بس معرفش إن كان باعه ولا لسه
أصل الموضوع ده أديله زمن وآآ 
قاطعه عمرو قائلا بتلهف بعد أن استمع إلى ما فاله والذي كان يحمل بصيص الأمل 
فينه البيت ده 
رد عليه شعبان بفتور وهو يمرر كفه على رأسه الصلعاء 
هو أنا مش متذكر أوي بس كان آآ 
قاطعه عمرو مجددا بإصرار 
الله يكرمك افتكر دي مسألة حياة أوموت
ردد شعبان مع نفسه بأسلوب رتيب ليحث عقله على التذكر 
فين البيت يا شعبان مكانه كان فين يا شعبان افتكر يا شعبان !
تابعه عمرو بنظرات مترقبة وتسارعت أنفاسه إلى حد ما وهو ينتظر رده 
هتف شعبان فجأة بحماس 
ايوه افتكرت
وبالفعل حصل عمرو على عنوان المنزل الريفي وتعشم خيرا أن تكون أخته متواجدة هناك 
لم يرد هو اخبار أبويه حتى لا يعلقهما بآمال زائفة سيذهب للتأكد بنفسه أولا من وجودها ثم سيبلغهما لاحقا 
خططت إيثار للفرار من محبسها وعقدت العزم على عدم التراجع عما إنتوت فعله 
ارتدت إسدال الصلاة على ثيابها الخارجية حتى لا تثير الريبة إن رأها أحدهم 
وانتظرت انشغال جميع من في المنزل بأعمالهم اليومية لتقدم على تنفيذ خطتها 
أصبحت فرصتها متاحة بذهاب محسن للإستلقاء في الغرفة الأخرى 
تريثت حتى سمعت صوته يعلو في النوم فتسللت بحذر نحو الدرج 
ونزلت عليه وهي تتلفت حولها بحرص شديد 
حبست أنفاسها وهي تقترب من باب المنزل الرئيسي 
ثم بخطوة جريئة ولجت للخارج 
كان كل شيء هادئا فأكملت سيرها بحذر 
وما إن ابتعدت عن البوابة الرئيسية حتى بدأت بالركض لتنجو ببدنها 
استغلت ذكرياتها المقيتة مع محسن لتحث نفسها على الركض أكثر إن خارت قواها فتفر للأبد منه 
في نفس التوقيت وصل عمرو إلى المكان المنشود وترجل من عربة القطار وهو يتلفت حوله بنظرات سريعة خاطفة 
اعتصر قلبه حزنا على حال أخته فهو من دفعها لتلك الهاوية بإصراره العنيد على تزويجها دون التحقق كفاية من زميله 
كان المكان مختلفا في طبيعته عن الحياة المدنية التي اعتاد عليها مع عائلته فشعر بمدى الفارق
الواضح 
تحرك خارج المحطة واستدار برأسه للجانبين ليبحث عمن يرشده إلى
تم نسخ الرابط