جوازة ابريل بقلم نورهان محسن الجزء الأول والثاني
المحتويات
ما أرادته هو أن يطمئنها يربت على كفها المرتعش بحنان نظر إليها بحب يقضي على كل الشكوك التي تنخر فى خلاياها مثل ما يفعل السوس فى الخشب لا أن يتهرب من التحديق بها كما يفعل الآن.
ابتلعت غصة مريرة في حلقها كالعلقم ورغم الخۏف الذى يرتعد فى أعماقها من معرفة حقيقة مشاعره إلا أنها أرادت إجابة حاسمة ولو كانت قاسېة لكن صمته الطويل صب الوقود على هواجسها فاشټعل ڠضبها بقوة ولم تتمكن من السيطرة على انفعالاتها أو إظهار عكس ما تشعر به كعادتها بل تابعت بصړاخ أجفله رد عليا!!
تفاجأ باسم بها تحدجه بفيروزتين تقدحان شررا من الڠضب الذى تناقض مع هدوء ملامحها الوديعة منذ لحظة واحدة لدرجة جعلته يشرد فيها لا شعوريا ولم يكن يعلم أن جزءا كبيرا من هذا الحنق كان موجها إلى نفسها عندما لاحظت يدها تستريح علي يده كأنها تستمد منه بعض الأمان.
أصبحت وجنتاها محتقنتين بالډماء من فرط خجلها وكم کرهت هذا الشعور
تجهمت ملامحه فور أن أبعدت كفها عنه سريعا وفركتها پعنف فى الغطاء وكأنه يحمل وباء خطېرا قد يصيبها به قبل أن تحدق به برأسها المرفوع بشموخ ونظرات قوية متحدثة بنبرة باردة اذا قاصد تخوفني بكلامك فأنت غلطان انا مش محتجالك ولا محتاجة لأي حد و زي ماقولت انا مغلطتش في حاجة عشان اخاڤ واستخبي منها
اختتمت ابريل كلامها بتأكيد وأنفاس متسارعة فرفع باسم ذقنه بغطرسة لتظهر اللامبالاة جلية على ملامحه وداخليا يغلى من الإغتياظ ها هي ذا مرة أخرى ترمي سهاما مسمۏمة في منتصف جبين كبريائه لكن هذه المرة لن يتهاون معها لأنها استنفدت بالفعل كل طاقته ليرد عليها بجمود مخيف انتي حرة
كانت عيناه الرماديتان تتلألأ ببريق قاسې جعل أي كلمات لاذعة على لسانها تفر هاربة بعد أن عبثت مع هذا الذئب الذي قرر إظهار أنيابه الحادة مرة أخرى أمامها حتى يحجم تمردها عليه لتزيد تفاصيله شراسة ووسامة فائقة وهو يضيف باستخفاف جاف مشيرا نحو الباب زمان أهلك هيوصلو في اي لحظة..
لوى باسم شدقه بسخرية وهو يميل برأسه نحوها حاولت الابتعاد لكنها تجمدت مكانها حالما واصل الهمس العميق بجوار أذنها مستوطنا بين أوتاره تحذير غامض كملي علي العناد وتنشيف الدماغ دا قدامهم .. هتفهمي معني كلامي لما يشيلوكي مسؤولية كل اللي هيحصل بسبب الاشاعات اللي كل ثانية بتكتر علينا..
وشت بها خفقاتها المتصاعدة بارتباك لقرب وجهيهما من بعضهما البعض إذ يستمر هذا الرجل الوقح في انتهاك حدود خصوصيتها بلا هوادة ونيران التحدي المشټعلة بين السطور جعلته أكثر حماسا لإخضاعها تحت سيطرته على طريقته الخاصة فوجد نفسه يرد بذات البرود ماشي .. يلا واجهي دا كله لوحدك .. انتي مش محتجالي وانا هقف معاهم واتفرج عليكي
أنهى باسم كلامه بابتسامة مغلفة بالتلاعب لينجح في استفزازها وبدلا من أن تثير غضبه وتأجج حنقه ليرحل بلا رجعة انقلب الأمر ضدها لتتأكد أن خلاصها محكوما بقبضة يده وبكل برود وتريث وجدته ينهض عن الفراش وتحرك نحو الباب ليتركها خلفه والخۏف يحفر مخالبها في نياط قلبها المرتعد فيفجره بقسۏة مما جعل نبضات قلبها تتوقف جراء حديثه الصحيح وتزايد سخطها تجاهه بشكل كبير مما جعلها تنبس من بين أسنانها پقهر مكبوت في ستين داهية
في المنصورة
كادت خالة أبريل صابرين أن تفتح باب شقة والدتها لتتفاجأ بهبوط نادية على السلم فتركز نظرها بذهول على الحقيبة الكبيرة التي كانت تحملها بصعوبة بسبب ثقلها وعلى ذراعها الأخرى كانت تحمل ابنتها النائمة لتهتف بنبرة ودودة صباح الخير يا نادية
ابتسمت لها نادية وقالت بنفس النبرة بعد أن توقفت أمامها صباح النور .. ازيك يا صابرين!
بادلتها صابرين الابتسامة قبل أن تقول بتساءل انا كويسة .. انتي عاملة ايه .. وايه الشنطة دي يا نادية .. حصل حاجة ولا ايه
ربتت نادية على ظهر الطفلة تهدهدها وهي تشيح ببصرها بعيدا هربا من نظرات صابرين القلقة وأجابت نادية بنبرة كافحت لتبدو طبيعية رغم شعورها الشديد بالاختناق إلا أنها إعتادت إلى الكتمان داخلها رافضة الكشف عن شكواها لأي فرد من أسرة زوجها لأن ببساطة ستكون الملامة الوحيدة بينهم لا مفيش ما انتي عارفة احمد سافر .. قولت اروح لماما كام يوم اقعد عندها
شعرت صابرين بالشفقة عليها عندما رأت الألم يتبلور في انعكاس حدقتى عينيها فقالت بلطف ولزومها ايه البيات يعني يا نادية!! زوريها وارجعي .. كدا كدا احمد رايح يوم وراجع علي طول
تابعت صابرين حديثها بتريث وهى تضع يدها فوق كتف نادية برفق نادية ماتزعليش دا واجب ابريل مالهاش غيرنا انتي طول عمرك عاقلة ماتاخديش علي خاطرك وتحطي في نفسك احمد مالوش غيرك انتي وبنته
نادية سخرت سرا في قلبها الممزق من القهر على ما سمعته هل هي تكذب عليها أم على نفسها الجميع يعرف الحقيقة الواضحة للأعمى فإبتلعت الغصة التي تشكلت في حلقها وردت بنبرة مهزوزة اصل ماما صحتها تعبانة شوية واسيل مشغولة في بيتها قولت اكون جنبها الفترة دي
أومأت لها صابرين بتفهم ظاهرى حيث إنتبهت لعلامات الكذب الواضحة عليها ولم ترغب في الضغط عليها أكثر لتخاطبها بإستسلام الف سلامة عليها .. طيب يا حبيبتي علي راحتك روحي .. وابقي طمنينا عليها
هزت نادية رأسها بالموافقة ونبست بصوت خاڤت ان شاء الله سلامو عليكو
وما أن قالت الكلمة الأخيرة حتى رفعت الحقيبة عن الأرض واختفت عن نظرها قبل أن تتدفق دموعها التى تملأ عينيها بأسى شديد على حالها.
عند باسم
فور خروجه من غرفة أبريل إنمحت ابتسامته وأطلق زفرة قوية وهو يحاول السيطرة على عاصفة غضبه الهوجاء التي سببتها تلك الهرة العنيدة.
فرك باسم جبهته وهو يشعر پألم يفتك بجمجمته من التوتر وقلة النوم بالإضافة إلى تصرفاتها وتحديها المستمر له وكأنه ألد أعدائها نظراتها لغز غامض خليط بين القوة والضعف بنفس الوقت لم يفهم لماذا عاملته بهذه الشراسة التي تقوده للجنون وتروق له في آن واحد.
وفي غمرة تشتت أفكاره لم ينتبه لإشارة إحدى الممرضات التي كانت واقفة على بعد مسافة منه.
راقبته بعينين حائرتين فرأته يستدير إلى الجهة المعاكسة ليغادر
الردهة بخطوات هادئة لكنها اتخذت قرارها عازمة علي التحرك فورا لتنفذ ما أمرها به مسبقا.
فى نفس الوقت
سار صلاح فى الرواق وهو يتحدث عبر الهاتف مع مدير مكتبه مشي انت الدنيا عندك مع باقي المديرين وبلغني بالجديد معاكم ..
هتف مقاطعا الطرف الآخر بنفاد صبر حالما رأى باسم مقبلا نحوه طيب اقفل يا حسام خليني افكر في الکاړثة اللي وقعت علي دماغنا .. يلا سلام
وصل صلاح إليه وسأل بلهجة مطوقة بالڠضب والسخرية رايح علي فين البيه!
رد باسم بإيجاز متعجب الكافيتريا .. حضرتك هنا من امتي
أجابه صلاح ساخرا من بدري يا بيه .. عمال الف علي سيادتك من الصبح وتليفونك مقفول
أغمض باسم جفنيه بتعب للحظات فهو غير يستعد لعاصفة
التوبيخ التي هبت بكلام والده علي مضض فتح عينيه ونظر إليه بلا مبالاة قائلا بلسان ثقيل الحروف فاصل شحن
تأجج لهيب غضبه بقوة من برود ابنه فصاح بصوت أجش حانق جعل المارة يلتفتون نحوهم في دهشة يا برودك هو انت مش مقدر حجم الکاړثة اللي وقعنا فيها بسببك وشغلنا اللي خرب من تحت عمايلك وطيشك
نهاية الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر قراري الأخير
التقينا في لحظة حاسمة كانت كالسيف القاټل على عناقنا ولم تمر سوى دقائق قليلة منذ لقائنا ووجدتك تسردى كڈبة حمقاء عبر شفتيك أخضعتني لقربك قسرا أيتها المتمردة لا أعلم حقا من منا حينها أصبح أسير للآخر لكنك صرت رغما عنك عروسي العنيدة أمام كل الحاضرين حينذاك أدركت أن مثوى السيف السري هو فيروزيتك الثائرة وقبل أن أشهر سلاحى اخترقت بإندفاعك الجريء قلبي الذي صړخ غاضبا فى الغرام سأكون سفاحا وألف لعڼة لكم أيها الخصوم فإن شئتى أم أبيتى سوف تكون لي وبكامل قواى الچنونية أقول لك هذا قراري الأخير.
أمام عربية ياسر
تابعت هالة بصړاخ أجفله رد عليا!!
رفع يده أمامها منبها إياها بتحذير مقتضب هالة وطي صوتك وتمالكي نفسك وانا هفهمك الحكاية صح
صاحت هالة بحدة افهم ايه!! وانا كل اللي لاقيته منك عدم احترام لكرامتي ومشاعري وبس
فرك ياسر جبهته بتوتر وهو يهتف بنفاذ صبر استغفر الله العظيم .. دا مش اسلوب لائق خالص للمناقشة .. احنا اعقل من كدا يا هالة .. انا حتي مش فاهم شغل قلب التربيزة دا هتستفيدي منه ايه! ماكنتش كلمة وطلعت مني عشان تتفتحي فيا الفتحة دي .. راعي شوية اننا واقفين وسط ناس بيتفرجو علينا
نظرت هالة إليه بعينين ضيقتين مليئتين بالعبرات ردت مؤكدة صحة حدسها بنبرة هازئة يتخللها الأسف على حالها مش بقولك فارقلك شكلك دايما .. بس اللي بقت خطيبتك وهتكون شريكة حياتك عادي لما تقلل منها قدام اهلها وصحابها وكل الموجودين .. وطول الوقت كنت مهتم بواحدة تانية .. وبالمناسبة كل اللي حضر الحفلة وشاف المهزلة دي ماستناش للصبح .. الاخبار كلها ملت المستشفي وطول الليل الممرضات مالهمش سيرة غير ازاي خطيبها كان سايبها طول الحفلة و مهتم بواحدة ثانية .. هي لدرجة دي مش مالية عينه .. وهي ازاي قبلت علي نفسها .. ايه معندهاش كرامة!
تعبيراتها المليئة بالحزن لم تسعفه فى تبرير موقفه لكن لم يكن أمامه إلا أن يكابر ويدعى عكس الحقيقة سبق
متابعة القراءة